أخبار العالمأخبار دوليةأخبار رئسية

كوارث اليمن.. من ينقذها؟

كوارث اليمن.. من ينقذها؟

د. علي العسلي

كوارث اليمن.. من ينقذها؟

الكارثة الأولى: انهيار التعليم وتحويله إلى أداة سياسية

منح جامعة صنعاء شهادة الماجستير للمدعو مهدي المشاط بدرجة امتياز، لمجرد توصيته بإنشاء نصب تذكاري لما يسمى “ثورة 21 سبتمبر”، هو كارثة أكاديمية وأخلاقية كبرى. هذه الشهادة، التي مُنحت بلا جهد علمي أو استحقاق أكاديمي، ليست إلا استهزاءً بالتعليم العالي وإهانةً للبحث العلمي.

لقد أثبت الحوثيون، رغم عقدة النقص التي يعانون منها بسبب ضعف مؤهلاتهم العلمية، أنهم قادرون على تزوير شهاداتهم لإشباع تلك العقدة. لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى الإساءة الصارخة للحرم الجامعي، إذ يجبرون لجان المناقشة على مناقشة أطروحاتهم خارج الجامعة، أو حتى داخل القصر الجمهوري، كما حدث في مناقشة رسالة المشاط.

إن هذا العبث يستدعي موقفًا صارمًا من رئاسة جامعة صنعاء الشرعية ووزارة التعليم العالي والحكومة، وكذلك موقفًا نقابيًا من نقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم بجامعة صنعاء ضد سياسة رئاسة الجامعة الحوثية. كما أرجو من جميع الزملاء وضع المناقشين من أعضاء هيئة التدريس في القائمة السوداء، لقبولهم المشاركة في مهزلة مناقشة رسالة علمية في القصر الجمهوري وخارج أسوار الجامعة. فكيف يُمنح شخص مثل المشاط شهادة علمية عليا، وهو الذي لم يثبت حتى حصوله على شهادة الثانوية العامة؟

ما يحدث اليوم في الجامعات اليمنية هو تسييس فاضح للعملية التعليمية، وإقصاء متعمد للأساتذة الأكفاء، واستبدالهم بمخرجات حوثية لا تمتّ للعلم بصلة. ويا تاريخ سجل، لقد أصبح المشاط رئيسًا بلا انتخاب، ومشيرًا بلا عسكرة، وحاصلًا على الماجستير بلا تعليم!

الكارثة الثانية: القصور الدولي والشرعي في مواجهة الإرهاب الحوثي

في اجتماع المائدة المستديرة، الذي نظمه مركز حلف شمال الأطلسي بشأن أمن الممرات المائية، أشار رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى ضرورة تصنيف الحوثيين كـ”تهديد دائم” وليس مجرد خطر مؤقت. هذا الطرح يعكس مأساة اليمن الممتدة لعشر سنوات، والتي خلّفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، واقتصادًا مدمرًا، وبلدًا ممزقًا.

لكن المشكلة الحقيقية ليست في تصنيف الحوثيين كإرهابيين، فقد صنفهم المجتمع الدولي بالفعل، وإنما في كيفية التعامل معهم. فبدلًا من بناء استراتيجية هجومية شاملة لاستعادة الأرض ومنع تدفق السلاح وتجفيف مصادر تمويل الحوثي، لا تزال القيادة الشرعية منهمكة في مطالبة المجتمع الدولي بتصويب مقارباتهم في التعريفات والمفاهيم، بينما الحوثيون يواصلون حربهم بلا هوادة!

المجتمع الدولي، رغم إدانته للحوثيين، يتبنى مقاربة مضللة تقوم على أربعة محاور رئيسية:

1. اعتبار الحوثيين تهديدًا مؤقتًا، بينما الحقيقة أنهم خطر يجب استئصاله.

2. الربط بين الإرهاب الحوثي والأزمة في غزة، رغم أن جرائم الحوثيين سبقت الحرب هناك بسنوات.

3. التركيز على عسكرة البحر الأحمر، بدلًا من تغيير ميزان القوى على البر في اليمن.

4. سياسة الاحتواء بدلًا من الردع.

 

ولكن هل الالتباس في الرؤية يعود فقط للمجتمع الدولي؟
أم أن الشرعية نفسها تعاني من ازدواجية في المواقف؟

إن الحوثي يجب أن يكون في عقل الشرعية تهديدًا مؤقتًا يجب القضاء عليه، وليس تهديدًا دائمًا يُكتفى بوصفه دون مواجهته!

كيف لشرعيتنا، وهي ترى المجتمع الدولي يقدم الحوافز للحوثي لا ممارسة الضغوط القصوى عليه، أن تستجيب هي للضغوط القصوى وتقدم تنازلات مستمرة لصالح الحوثي؟!

كارثة حقيقية، ذلك القصور في الاستجابة الدولية، الذي وصفه الأخ الرئيس، بسبب التباس في المقاربة الاستراتيجية الجماعية… يا غارة الله! شعب يطحن ويستمر طحنه والسبب التباس!

إذن، من المسؤول عن هذا الالتباس؟ ولماذا لم تُزل الشرعية هذا الغموض حتى الآن؟!

يجب على الشرعية أن تعيد ترتيب أولوياتها، فلا يعقل أن تترك مسؤولية “الردع” للمجتمع الدولي، بينما هي تنتظر العالم ليأتي لإنقاذها من الحوثي الذي يحتل البر اليمني!

الكارثة الكبرى: ابتزاز الحوثيين لدول كبرى مقابل مرور السفن

المصيبة التي كشف عنها رئيس مجلس القيادة الرئاسي هي أن بعض الدول الفاعلة خضعت لابتزاز الحوثيين ومنحتهم أموالًا مقابل مرور سفنها في البحر الأحمر. هذا الابتزاز لم يؤدِ إلا إلى مضاعفة مأساة اليمنيين، وأعطى الحوثيين دافعًا للاستمرار في عملياتهم الإرهابية.

إذا كان العالم يتبنى سياسة الاحتواء بدلاً من الردع، فذلك لأن الردع مسؤولية الشرعية اليمنية، وليس مسؤولية الآخرين. على القيادة الشرعية أن تعدّ الخطط وتنفذها لاستعادة الأراضي وتأمين البلاد، وعندها فقط سيتغير موقف العالم.

الحل: استراتيجية يمنية هجومية بدعم دولي

يا فخامة الرئيس، لا سلام مع فاشية الحوثي -كما وصفتها-، ولا حل إلا باستكمال معركة اليمنيين الوجودية ضد هذا المشروع الطائفي، كما أكدت.
لذا، يجب وضع استراتيجية يمنية هجومية، مدعومة من التحالفات الأخرى، تقوم على:

1. تحرير المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين واستعادة الأرض.

2. منع تدفق السلاح للحوثي وتجفيف موارده المالية.

3. فرض معادلة ردع حقيقية من قبل الشرعية، دون الاكتراث بسياسة الاحتواء الدولية.

 

إن إنهاء إرهاب الحوثي لا يكون بتعريفه كإرهاب دائم، بل بالقضاء عليه نهائيًا!

كلمة أخيرة

هذه الكوارث التي تحلّ باليمن، من تزوير التعليم، إلى التهاون في مواجهة الإرهاب الحوثي، إلى استجابة المجتمع الدولي للابتزاز، كلها تؤكد أن اليمن بحاجة إلى رؤية واضحة من قبل قيادتنا الشرعية، تتجاوز الخطاب السياسي إلى الفعل الحاسم.

فلا يمكن للعالم أن ينقذ اليمن إذا لم تبادر الشرعية أولًا لإنقاذ نفسها وإنقاذ وطنها!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى